استضافت جامعة الجنان وزيرالخارجية والمغتربين المهندس جبران باسيل في محاضرة بعنوان: "لبناننا لا طوائفنا، طائفتنا لاطائفيتنا"، في إطار جولته في طرابلس، بحضور رسمي وأكاديمي تقدمهم رئيس جامعة الجنان أ.د. عابد يكن، محافظ الشمال القاضي رمزي نهرا، ممثل دولة الرئيس العماد ميشال عون الأستاذ طوني ماروني، رئيس اتحاد بلديات الفيحاء المهندس عامر الطيب الرافعي، ممثل الوزير أشرف ريفي أ. محمد كمال زيادة، ممثل النائب روبير فاضل د. سعد الدين فاخوري، ممثل عن النائب سامي الجميل، ممثل مدير عام قوى الأمن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص العقيد وجيه متـّى، ممثل مدير عام أمن الدولة اللواء جورج قرعة الرائد باسم طوط، ممثل مدير عام الأمن العام اللواء عبّاس ابراهيم النقيب طلال حمدان، ممثل مدير فرع المخابرات في الشمال العميد كرم مراد المقدم أمين فلاح، رئيس الدائرة التربوية في الشمال بالتكليف الاستاذ عبد الباسط عباس، عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية د. كميل حبيب، القيادي في التيار الوطني الحر أ. بيار رفـّول، رئيس جمعية دعوة الايمان والعدل والاحسان د. حسن الشهال، اضافة لممثلين عن الأحزاب والنقابات والجمعيات وعمداء وأساتذة وطلاب من الجامعة ومهتمين.

بداية مع النشيد الوطني اللبناني ونشيد "بلاد العرب أوطاني" لفريق الكورال في ثانوية الجنان، ثم ترحيب من عميد معهد العلوم السياسية في جامعة الجنان الدكتور رامز الطنبور قائلاً: "نرحب بكم في جامعة الجنان، جامعة التنوع والتلاقي والانفتاح" وأضاف: "لقد عرفنا لبنان بلد العيش الواحد والتنوع والابداع، والنموذج المضيء في عالم الحريات والحوارات وإبداء الرأي ولكن لبنان النموذج قد تغير لأن الخلافات بين أبنائه في تصاعد مستمر تتلاطمه امواج السياسة الدولية والاقليمية والمؤذي أن يغلّف هذا الخلاف بالصبغة الطائفية وان يتلطى محرضوه بالطائفية لذا تعالو نسخِّر قدراتنا وإبداعاتنا مقيمين ومغتربين في سبيل عودة لبنان الرسالة والنموذج ولنجعل شعارنا: لبناننا يجمعنا.... والطائفية تفرقنا".
كلمة جامعة الجنان ألقاها رئيس مجلس الأمناء الأستاذ سالم يكن تطرق فيها إلى الواقع اللبناني من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية حيث الشلل هو السائد ومسلسل الفضائح في كافة الصعد تتالى حلقاته والعجز يمول عجزاً والقيم الاجتماعية تنهار منظومتها وكأن قدر لبنان أن لا تُستخرج ثرواته في سبيل تنمية ورفاهية شعبه لإنقاذه من موت رحيم، كما أكد على ضرورة خلق مساحة تلاقٍ خارج الإصطفافات المذهبية والطائفية والمناطقية وضرورة وجود خطابٍ سياسي يقول للناس ان الصراع الدائر في منطقتنا هو صراع مشاريع سياسية كبرى، مسالكها تمضي حيث يجب أن تعبر خطوط النفط والغاز كي نستطيع ان نرشق عيشنا المشترك ونعيد إنتاجه تمهيداً لتصديره الى جوارنا الأقرب والأبعد. وختم: "إننا كمسلمين ومسيحيين اكثر الناس مودة لولا مشاريع الفتن التي تطل علينا بين حقبة واخرى، ولولا إستعدادنا لنكون ميدان المؤامرة وأدواتها لذا يجب أن نبدأ بانتاج وطن بهوية واحدة وليس بهويات وولاءات متعددة لأننا نريد رئيسا قويا بشعبه، وقانون انتخابات عصري، ومجلسا نيابيا منتجا لدورة الحياة السياسية، ومجلس وزراء لا بلبوس الميثاقية، ونظاما تربويا يعلم ويثقف ويعصرن، فما حاجتنا للماضي وارثه الثقيل ان كان بمقدورنا أن نبني غدا أجمل".
ندعو إلى لبننة الأحزاب اللبنانية لتكون أكبر من طوائفها
ثم كانت محاضرة الوزير جبران باسيل الذي استهل مداخلته بأهمية ورمزية الاطلالة من صرح أكاديمي موجها التحية للداعية المرحوم فتحي يكن مستذكراً صلاة الوحدة التي أمها يكن في ساحة رياض الصلح، محييا بانية صروح الجنان الدكتورة منى حداد يكن في ذكرى غيابها الثالثة، وقال باسيل: "إن لبناننا أكبر من طائفتنا فنحن مسيحيين ثانياً ولبنانيون أولاً وانطلاقاً من ميثاق التيار الوطني في بنده الرابع فإن لبنان هو اختيار انساني مميز بفضل ما يتسم به من تعددية وتفاعل فكري وانفتاح على الحضارات"، أضاف باسيل: نحن نرى لبنان مشرقيا واللبنانيون مشريقيون وهذه الصفة ليست صفة مسيحية ولا جغرافية ولا عرقية بل حضارية وانسانية وصفة لبنان مشرقية تضفي عليه أنه بيت لكل الطوائف ودار سلام وصلاة للمسيحيين والمسلمين وفي الجوهر رسالة الديانتين الألفة بين الناس على اختلاف انتماءاتهم.
كما أكد باسيل على ضرورة العيش الواحد الإسلامي المسيحي والمحافظة على التنوع والخصوصية وقد ذكر باسيل أن المواطن المسيحي لديه اليوم شعور بالغبن والتهميش والاستهزاء لذا لا بدّ من التفاهم ورفع الصوت ليسمع الشريك المسلم وجع شريكه المسيحي لكي يسمع حليفه القواتي والعوني كما على الشريك المسلم أن يبادر للتطمين ليس بالكلام الجميل الفارغ من أي مضمون بل بالعمل النيابي والحكومي والرئاسي لكي تكون الضمانة في الممارسة وليس في الدستور فقط فيكون بذلك المسلم ضمانة المسيحي والمسيحي ضمانة المسلم فبذلك تكتمل الشراكة وتتحقق المساواة.
وعدد باسيل خمسة بنود أساسية تهدد السلام في لبنان وهي:
أولا: الصهيونية، ان غدر الصهاينة ومؤامراتهم لم ينجو منها لا المسيحيين ولا المسلمين، التاريخ شاهد على اضطهادهم للسيد المسيح وعلى تحريفهم في الاحاديث النبوية الشريفة وعلى ترويجهم الان للاسلاموفوبيا، ونحن عندما دعمنا المقاومة كمسيحيين دعمناها ضد اسرائيل ولم ولن ندعمها ضد الدروز او ضد السنة او ضد اي طائفة اخرى، ونحن لم نتخذ يوما موقفا مسيحيا شيعيا او مارونيا شيعيا بل اتخذنا موقفا وطنيا لصالح كل اللبنانيين، ولن يكون عندنا ابدا احلاف طائفية بل وطنية.
ثانيا: الارهاب، ارهاب لا يلتقي مع اسرائيل فقط بل هي من ساهمت في صناعته ولا زالت تعمل على تغذيته اضعافا للامة وتشتيتا لكياناتها، ارهاب لا يميز بين مسيحي ومسلم ويكتب ويطبع النون والرام ويلغي كل ثقافة وتراث، ويحذف كل تقليد ويمسح كل اختلاف، ارهاب يريد ان يحتل قرانا واحياءنا عرسالنا وطرابلسنا جبالنا وشواطئنا ليتسلل عبر بحارنا ويدخل فكر بعضنا ويحتل الارض والعقول ويأكل بالعسكر اخضرنا ويابسنا ويأكل بالفكر نظامنا وميثاقنا.
ثالثا: النزوح واللجوء حالات استثنائية فرضت علينا مؤقتا لتبقى ابدا طابعا انسانيا وعمقا بشريا حقيقيا لتخفي وراءها ابعادا امنية وسياسية تغزو من خلالها ارضنا ومجتمعنا واقتصادنا وتتجه منه الى غزو اخر اشد شراسة في استهدافاته القارية والفكرية يتضرر منه كل لبناني وكل طائفة ومنطقة ولو اعتقد البعض ان له منه فائدة مؤقتة او دائمة انما في النهاية يتضرر منه كل طرابلسي وشمالي ولبناني بلقمة عيشه وامنه ويتضرر منه لبنان وسوريا وفلسطين على حد سواء.
رابعا: الفساد الفساد ضرب بنية الدولة ومؤسساتها وضرب كل المواطنين والمناطق وكل الطوائف والفاسدون هم من كل المناطق وكل الطوائف ولم يسلم احد منا منهم وعلينا جميعا مواجهتهم دون الحاق او الصاق اسم طائفة بشخص او بفريق فاسد اذا ما اتهم اتهمت كلها.
خامسا: المس بالشراكة والتوازن والمساواة فعندما يرتفع صوتنا بنبرة مسيحية عالية يكون حماية ليس للمسيحيين بل لميثاق العيش بين المسيحيين والمسلمين لان لبنان لن تكون له قيامة الا على قاعدة العدل حيث لا تشعر طائفة او مجموعة بانها مغبونة او مهضومة حقوقها.

نحن تفاعلنا بكل صدق وعفوية مع المكون السني عندما اغتيل الرئيس رفيق الحريري وكان لدينا الجراة الاخلاقية لازالة كل الخلافات السياسية ودعا باسيل في نهاية محاضرته إلى التمسك بما ورد في رسالة من العماد عون الى البابا بنيديكتوس في العام 2010: المسيحيون مدعوون لوقف محاولة ابلسة الدين الاسلامي وان تتم الدعوة الى النظر بجوهره ونصه الديني الاصلي فقط لا من خلال افعال مجموعات تكفيرية ارهابية يرى المسلمون انفسهم انهم ضحاياها مثل بقية العالم وانها لا تمت الى دينهم بصلة وقال: اقتبس من الوثيقة المسيحية المشرقية اللقاء الميسيحي فالمسلمون مدعوون الى ان يغفلوا عن اتجاه بعض مجتمعاتهم الى الاساليب العنيفة بالفكر اولا وبالفعل لاحقا وفي ان لا يرتضوا ان تتغلب تلك الاصوليات عليهم ولا يتغاضوا عن مخاطر هجرة مواطنيهم ونزفهم الجماعي كي لا تتحول مجتمعاتهم نحو الاحادية القاتلة.
وختم باسيل: مسؤولية المسيحيين ان لا يقعوا في الذمية المقنعة ولا الانعزالية غير المقنعة ومسؤولية المسلمين ان لا يسمحوا بانكفاء الاخر فيختفي وتضمحل الرسالة وينتهي لبنان.

ثم قدم رئيس الجامعة الأستاذ الدكتور عابد يكن ورئيس مجلس الأمناء الأستاذ سالم يكن درعاً تقديريا للوزير باسيل.
Follow us on