برعاية مفتي طرابلس والشمال الشيخ الدكتور مالك الشعار نظمت دار الفتوى في طرابلس والشمال بالتعاون مع جامعة الجنان ومعهد بوليغلوت في عُمان وإتحاد المترجمين العرب "المؤتمر الدولي الأول لترجمة معاني القرآن الكريم"، في (فندق كواليتي- إن) في طرابلس، بمشاركة باحثون من عشرين جامعة عالمية.
حضر حفل الإفتتاح راعي المؤتمر الدكتور الشيخ مالك الشعار، شخصيات سياسية واجتماعية وثقافية، بالإضافة إلى حشد من العلماء ورجال الدين وعمداء ومديري الجامعات والكليات وممثلي النقابات المهنية ومهتمين.
بدأ الإحتفال بآيات من القرآن الكريم للقارئ الشيخ الدكتور زياد الحاج فالنشيد الوطني اللبناني.
ثم كلمة للدكتور الشيخ حسام سباط أوضح فيها أهداف المؤتمر والتي تعتبر بيان آراء الفقهاء المسلمين في حكم ترجمة معاني القرآن الكريم إلى اللغات الأجنبية ووضع الضوابط والمعايير الشرعية، وتسليط الضوء على أهم المشكلات التي يواجهها مترجم معاني القرآن ورصد بعض الترجمات الشائعة ودراسة مضامينها وتحليلها ونقدها والعمل على وضع نظرية ترجمية خاصة بالقرآن وبيان خصوصية المصطلح القرآني وأهمية تأسيس مرصد متخصص لترجمات معاني القرآن.
وألقى الدكتور بسام بركة كلمة اللجنة التنظيمية للمؤتمر الذي وصفه أنه "يندرج في إطار النشاطات التي يقوم بها إتحاد المترجمين العرب". 
أما عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة الدكتور هاشم الأيوبي فألقى كلمة الجامعة مشيراً فيها إلى أهمية هذا المؤتمر خاصة في هذا الوقت الذي نشهد فيه محاولات محمومة لتشويه حقائق أساسية تتعلق بالإسلام والمسلمين في العالم، حيث بدأت هذه العلاقات الملتبسة مع الترجمات الأولى للقرآن الكريم إلى اللغات الأوروبية، لأن المواجهات كانت مع شعوب هذه اللغات نظراً للحوار الجغرافي والحركية الدينية والفكرية في هذا المحيط البشري.
وكانت كلمة للدكتور طانيوس نجيم نائب رئيس اتحاد المترجمين العرب قال فيها: "إذا كانت الديانات السماوية قد أبلغتنا كلام الله فمن واجبنا نحن المتلقين ومن حق الشعوب أن تصل معاني الكلام الإلهي والرسالات السماوية إلى جميع الناس بأمانة ودقة وقابلية للفهم، توازي بمسؤوليتها مسؤولية الدعاة المكلفين نقل هذه المعاني وتفسيرها".
ثم تحدث مفتي طرابلس والشمال الدكتور الشيخ مالك الشعار فتوجه في مستهل كلمته بالتحية إلى كل من ساهم في انعقاد هذا المؤتمر لما يكتسبه من أهمية دينية وأهمية إنسانية لها صفة حضارية لأنها تطوي الزمن وتقرّب شعوب العالم من بعضها، وقال: "إن موضوع مؤتمرنا هو ترجمة معاني القرآن، والقرآن الكريم معنى ومبنى، والمؤتمر هو لترجمة المعاني وليس لترجمة المباني، والمباني هنا هي الألفاظ، ولفظ القرآن الكريم لم يتجرأ أحد على القول بجواز ترجمته، لأنه كلام الله عز وجلّ ولأن الإعجاز في الكلام وفي السبك والصياغة والإحكام".
وتابع: "هذا المؤتمر هو لترجمة المعاني وهي تكتسب أهمية بمقدار ما يكتسب علم التفسير أهمية، فالقرآن الكريم فيه من دقة الإعجاز ما لا يدركه إلا نخبة العقلاء، كتاب عربي مبين، أنزله الله تعالى حتى يتمكن الناس من إدراكه وتعقله، والإدراك والتعقل عند علماء النفس هو أول مراحل الفهم، أما درجات الإعجاز فتستحق درجة أعلى ولعلّ هذا هو السر".
بعد الافتتاح، بدأت جلسات العمل والتي تمحورت عناوينها حول " ترجمات معاني القرآن الكريم – تاريخ ووقائع"، "خصوصية النص القرآني من الناحية اللغوية وخيارات المترجم تجاهها"، "الترجمية (علم الترجمة) وخصوصية النصوص الدينية"، "المصطلح القرآني وآلية نقل الدلالات والمعاني"، "دراسات نقدية تحليلية لبعض ترجمات معاني القرآن الكريم"، "دور المؤسسات في الإرتقاء بترجمات معاني القرآن الكريم"، أما الجلسة الختامية فكانت حول "أثر الترجمة في التعريف بالقيم الحضارية والعلمية للقرآن الكريم".
وتضمّن المؤتمر عرضا لـ 36 ترجمة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية ما بين عامي 1840 و2011، وفي ختام أعماله، خلُص المؤتمرون إلى التوصيات التالية:
- التأكيد على تأسيس مرصد ترجمات معاني القرآن الكريم في لغات العالم، وتفعيل عمله ووضع الجهاز المطلوب من أجل تحقيق أعماله، وذلك عبر التعاون مع المؤسسات والمراكز والمنتديات التي تعنى بالموضوع نفسه.
- الربط المتواصل بين مختلف المراكز والمراصد التي تعنى بترجمات القرآن الكريم، وعلى الأخص منتدى مترجمي النصوص الإسلامية في المملكة العربية السعودية، والمعهد العالي للترجمة في الجزائر.
- رقمنة أعمال هذا المرصد ووضع كل ما يصدر عنه في مواقع إلكترونية مفتوحة.
- إعداد معجم رقمي للمصطلحات القرآنية وللمصطلحات الإسلامية، ويكون هذا المعجم متعدد اللغات، مواصلة عقد المؤتمرات والندوات حول موضوع هذا المؤتمر، مع التمنيات: أن يكون المؤتمر الثاني حول ترجمات معاني القرآن الكريم في مسقط في عمان، وأن يقوم منظمو هذا المؤتمر بعقد ندوات حول ترجمات معاني القرآن الكريم تخص كل ندوة منها الترجمة إلى لغة واحدة مثل التركية والفارسية والصينية والالمانية... على أن تعد هذه الندوات بمثابة استمرار ومواصلة لأعمال هذا المؤتمر.
Follow us on