قد يغيب عن الكثيرين أن هدف التعليم الجامعي في الأساس هو تدريب الطالب الجامعي على البحث عن طريق البحث والتقميش في المراجع والمصادر على أنواعها، وعن طريق الدراسات الميدانية خلال سنوات الدراسة.
غير أن العلوم الإنسانية ليس لها في بلادنا طابعاً تجريبياً ينطلق من المختبرات ونتائج الأبحاث التطبيقية، مما أدى إلى الميل البارز نحو التجميع والنقل والتكرار، لا بل الزيادة في عدد المؤلفات دون جديد فيها.
أمام هذا الواقع، فإن الإشراف على الرسائل والأطروحات الجامعية، وإن أنيطت بأستاذ مشرف واحد، فهي بهذا الشكل لم تعد تلبي ما تطمح إليه الجامعة من إعداد الباحثين المتسعي الأفق، الذين يتمكنون من تحمل مسؤولية ممارسة البحث العلمي ممارسة منتجة تسهم في تطوير العلم وفي الوصول إلى نتائج موثوقة في جعل ظروف الحياة أكثر قبولاً، كما يساعد في إنتاج المعرفة العلمية المبتكرة، فإنه لا بد من محضن يعين المشرف والباحث في آنٍ معاً على أداء المهمة كما يجب، عندها ينتقل الإشراف من العلاقة العلمية الفردية الأحادية بين مشرف وطالب إلى العلاقة البحثية العلمية المتعددة الأطراف المبنية على التفاعل بين الطالب الباحث والطلاب الباحثين، والأساتذة أعضاء الفرق البحثية، والأساتذة العاملين في مركز الأبحاث الذي يعمل فيه الطالب، والأستاذ المشرف الذي يبقى الموجه الأول في تكوين الشخصية العلمية للطالب.
هذا في داخل الجامعة، أما في المحيط، فإن مهمة إصلاح المؤسسات وتطويرها، وإيجاد الحلول للمشاكل الطارئة والمفترضة، وكذا مشاريع التحديث والتطوير وتلبية الحاجات، هذه كلها تقع على عاتق مراكز البحث العلمي.
لقد رسخ في الأذهان أن طبيعة السوق بكل جوانبها، قد أرست إنطباعاً عاماً، مردّه إلى الفكرة السائدة بأن الإنتاج الوطني هو أعلى كلفة وأقل جودة مما يتم استيراده من الخارج، لذا يجب تبديد هذه الفكرة، وتطوير الجودة في الإنتاج المحلي، وتحرير الناس من التبعية للمصدر الذي يشتري خامات بلادنا بثمن بخس ويعيدها إلينا مصنعة بملايين من الدولارات...
إن تكوين مراكز أبحاث في العالم العربي ما زالت في أغلبها تقليداً بدون إنتاج ولا جدّية، حتى أن التعليم الجامعي بات ملحقاً بالتعليم الأساسي وليس وفق ما يتطلب منه، معرفة المتفوقين من الطلاب وتصعيدهم.
لذلك وإسهاماً من جامعة الجنان في إرتياد مجال البحث العلمي وتعزيز دورها في هذا المجال، علَّ ذلك يُشكل شمعة أو يفتح كوة في جدار التخلف الذي يعيشه عالمنا العربي، تم إنشاء مركز البحث العلمي.
مدير مركز البحث العلمي
إنه مركز أنشأته جامعة الجنان كي يكون موئلاً للباحثين من أساتذة وطلاب جامعة ولمن رغب في ذلك من الخارج، وإدارة المركز مع عمداء الكليات ورؤساء أقسامها، ومحترفي البحث العلمي، كل هؤلاء هم ورشة عمل وتطوير في هذا المجال، مكانه مكتبة الجامعة أو أي مكان يؤمن له.
و يتألف المجلس العلمي للمركز من عمداء الكليات وبعض الباحثين الذين تتم تسميتهم ويُعتمدون بعد موافقة رئاسة الجامعة.
أولاً: يهتم المركز العلمي بتطوير أبحاث الطلاب أولاً من خلال تزويدهم بموضوعات، تم تحضيرها من قبل، وتقديم المشورة وتأمين المراجع، والرد على استفساراتهم، ورصد الأبحاث التي تنجز في جامعات أخرى في الماجستير والدكتوراه، أو الدراسات السابقة، وتحديد تلك التي يمكن الإستدراك عليها وتطويرها.
ثانياً: يحتضن أبحاث أساتذة الجامعة ويعرضها على التحكيم، إن لمصلحة ترقيتهم أو للإسهام بالبحث العلمي، كما أنه يكلف ويستقبل أبحاثاً من خارج الجامعة لتحكيمها ونشرها في مجلة الجنان المحكمة وفق آلية خاصة.
ثالثاً: إقامة علاقة مع أصحاب المؤسسات التي تحتاج إلى تطوير، إن لجهة تزويدها بموارد بشرية، أو لتدريب العاملين فيها، وإقامة أبحاث ذات صلة بما تقوم به، أو في هذه الحالة يمكن تكليف، بعد الإتفاق مع عميد الكلية التي ينتمي إليها الطالب وقرار من المجلس العلمي وموافقة الرئاسة عليه، بعض طلاب الماجستير والدكتوراه بإجراء الأبحاث المطلوبة. وبذلك تتمتن العلاقة بين الجامعات والمؤسسات الإنتاجية أو الخدماتية في المجتمع، وهذا من شأنه أن يحول الجامعة بخريجيها ومركزها إلى مرجعية.
Follow us on