منشورات محترف
أكثر من 100 منشور في التطوير الإداري والتنمية الشخصية
تجارب شخصية – أفضل الممارسات – قصص واقعية

د. معتز جميل سوبجاكي

الطالب العراقي: سوران محمد فتاح

ماجستير الدراسات الاسلامية (حقوق انسان)

حقوق الأقليات وآليات حمايتها بين الشريعة والقانون الدولي (العراق أنموذجاً)

أ.د محمد سعيد مجذوب رئيساً ومناقشاً /أ.م. د.هدى حداد مشرفاً /أ.م.د عمر مصطفى الأيوبي مناقشاً

13/6/2016

المقدمـــة

تتمتع دراسة الأقليات بمكانة خاصة، وذلك للارتباط الوثيق بين احترام حقوق الأقليات والاستقرار الدولي، فالأحداث الجارية في بلاد كثيرة تشهد بعدم الاستقرار السياسي في هذه الدول بسبب وجود صراع بين الأقليات والأغلبية، وغالباً لا يتوقف هذا الصراع عند حدود الدولة التي يوجد بها خلاف بين الأقلية والأغلبية، بل يمتد ليشمل أكثر من دولة.

حيث أن الأصل هو وجوب معاملة الأقلية بذات الطريقة التي تعامل بها الأغلبية  فيكون لأفرادها التمتع بذات الحقوق والقيام بنفس الواجبات التي يلتزم بها أعضاء الأغلبية  ودونما تمييز بسبب اختلاف الأصل أو الدين أو اللغة أو اللون.

ومن هنا يمكن القول أن لأبناء الأقلية الحق في التمتع بالمساواة مع الأفراد المنتمين للأغلبية، في كافة الحقوق والحريات، فضلاً عن ذلك لهم الحق أيضاً في كونهم كيانات جماعية متميزة بالتمتع بالحقوق الجماعية التي تستهدف تمكينها من المحافظة على خصائصها، كحقها في استخدام لغتها أو التمتع بنظام سياسي خاص كحقها في تقرير المصير أو البيئة الصالحة أو في التوزيع العادل للثروة وغيرها من الحقوق الجماعية.

إلا إن ذلك لا يمنع من التزامها ببعض الواجبات تجاه الدولة التي تعيش فيها، ولا ينبغي أن تكون الأقلية مصدراً للقلاقل أو الاضطرابات في تلك الدولة.

وكذلك على الدولة أن تهتم بتنظيم العلاقة بين الأغلبية والأقلية فيها، إلا إن الدول في تنظيمها لهذه العلاقة قد تغفل عن عمد أو عن تغافل الخصوصية الذاتية لأقلياتها، الأمر الذي يضر اشد الضرر بحقوق الأقليات، كما أن التاريخ نفسه يشهد بوقوع حالات كثيرة ضاقت فيها الحكومات بأقلياتها، فهضمت حقوقها، بل ومارست ضدها أحياناً سياسات ترمي إلى أفنائها سواء على المدى القريب أو البعيد، ومن هنا اتجهت الأقليات صوب القانون الدولي طالبة منه الحماية من جور حكوماتها، فنشأت بذلك الحماية الدولية لحقوق الأقليات.

ويمكن اعتبار موضوع الأقليات من الموضوعات الهامة والقديمة المتجددة مع التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي حدثت في الحقب التاريخية المختلفة، وهو موضــوع تتداخل فيه تخصصات كثيرة مثل علم الاجتماع والقانون والتاريخ والقانون الدولي.

مع كل الاختلافات بين كل التخصصات في تعريف مفهوم الأقلية إلا إنهم جميعاً اجتمعوا على الإقرار بوجوب تضمين الحماية القانونية اللازمة لهذه الأقليات، المعرضة إلى مزيد من الانتهاكات والمخاطر الناشئة عن الممارسات المختلفة للدول والأنظمة التي تتكون من أقليات عدة.

كما أن الوضع يزداد صعوبة، وخاصة فيما لو سعت الدول الإقليمية بالتدخل لصالح تلك الأقلية لأسباب تكون تاريخية أو سياسية أو دينية وهذا ما يزيد الأمر توتراً مما قد يحول الأمر إلى حروب تكون أطرافها دولية.

ومن الجانب المتمثل بالجانب السياسي والاستعماري، فالأمر لم يكن بهذه النزاهة والسهولة، إذ عندما تقوم بعض الدول بالمطالبة بحماية بعض الأقليات الموجودة في بعض الدول الأخرى، إنما تبتغي من ذلك ذريعة للتدخل في الشؤون الداخلية للدول التي تقيم فيها تلك الأقليات، لأنها لا تقصد في حقيقة الأمر حماية الأقليات بحد ذاتها، بل من أجل بسط سيطرتها الاستعمارية، وخاصة حتى زمن الحربين العالميتين ولكن بعدهما أخذ موضوع حقوق الأقليات منحاً جديداً، من خلال الاتفاقيات والمواثيق الدولية وتوجهها إلى الدول والعمل بها في الدساتير الوطنية.

ولكن ما يهمنا هنا بعد القانون الدولي دساتير الدول الإسلامية وخاصة في هذا البحث الدساتير العراقية ومقارنتها بالشريعة الإسلامية لأن كل الدساتير وصفت في مادتها الأولى أن الشريعة الإسلامية مصدر أساسي للدستور.

ولكن ضاعت حقوق الأقليات في كثير من الدساتير، بين عدم وضوح الدساتير في حقوقها أو بعضها حبر على ورق فقط من دون تطبيق للحقوق والحريات الموجـودة فيها، أو بين السلطات الموجودة في البلاد والدكتاتوريات على أنظمة الحكم والتجاذبات السياسية،  وكذلك من أهمها عدم إلزامية كثير من الاتفاقيات الدولية بحقوق الأقليات للدول.

أهمية الدراسة

1 – تبرز أهمية دراسة حقوق الأقليات وحمايتها في ظل القانون الدولي العام، من خلال الترابط الذي ينبثق بين الأمن والسلام الدوليين، ومسألة حماية حقوق الأقليات وخصائصها، إذ إن هذه المسألة تعد من أهم مصادر القلق لأغلب دول العالم كما ينبثق منه تدخلات دولية وإقليمية وضغوطات على حكومات الدول.

2 – إبراز جانب آخر لحقوق الأقليات ألا وهي حقوقهم الجماعية كحق تقرير المصير والحق في الثروة وغيرها التي في ظلها باستطاعتهم الحصول على الحقوق الفرديـة.

3 – هذا الموضوع وخاصة في العراق من المواضيع الواقعية التي أصبحت مصدر لمشاكل عدة منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة إلى الآن،

إشكالية البحث

إن أهم ما حاولنا طرحه في هذا البحث هو:-

1 – على أي مدى يمكن تشكل مسألة الأقليات تهديداً للاستقرار السياسي في البلدان.

2 – إلى أي حد تؤدي العلاقة السلبية التي تحكم توجهات النظام السياسي بتلك الجماعات في حالات التهميش وغيرها، وسوء توزيع الثروات إلى تحقيق ظاهرة عدم الاستقرار وخلق الأوضاع التي تفسح المجال للقوى العالمية والإقليمية للتدخل في هذه الـدول.

3 – الدساتير الوطنية ومدى إلزامية السلطات التنفيذية بالحقوق والحريــات للأقليــات.

أهداف البحث

1 – الكشف عن بعض الإشكاليات الموضوعية والإجرائية التي تعاني منها الأقليات سواء على الصعيد الدولي أم في العراق.

2 – تتبع آليات الحماية لحقوق الأقليات على المستوى الدولي والعربي.

3 – دراسة توجهات النظم السياسية في الماضي والحاضر تجاه الأقليات.

4 – طرح موضوع الأقليات من زاوية الحقوق الجماعية التي هم بحاجة إليها للحفاظ على مميزاتهم وخصائصهم.

الدراسات السابقة

لم أجد دراسات سابقة تؤكد على الحقوق الجماعية للأقليات وطرح الحقوق الفردية والجماعية للأقليات بين الشريعة والقانون الدولي والدستور العراقي ألا النزير منها لم، ولا نقلل من أهمية الدراسات السابقة ولكن أكثرها تميزت بتناول الموضوع من جانب القانون الدولي والتركيز على الحقوق والفردية.

حدود الدراسة

تتعلق حدود الدراسة بأهمية تلك الحقوق للأقليات موقعها بين منظومة حقوق الإنسان وآلية الحماية لها في القانون الدولي والشريعة الإسلامية، ثم دراستها في الدساتير العراقية من 1921 إلى الدستور الدائم في 2005م.

هيكلية الدراسة

هيكلية الدراسة تتكون من بابين وهي كالآتي:-

- المقدمة

- الباب الأول: حقوق الاقليات في منظومة حقوق الإنسان الموقع وآليات الحماية.

الباب الثاني: مسألة الأقليات في العراق.

- الخاتمة

- النتائج والتوصيات